القلق والخوف من المشاعر التي تسيطر على الثلاثينية نهاد عبدالله في فصل الشتاء؛ حيث تتفقد ليلا ولمرات عدة أبناءها وتتأكد من إغلاق “الصوبات” بإحكام وتأمينها خوفاً من تعرض عائلتها لأي أذى من حوادث الاختناق التي تسمعها يومياً بسبب “الصوبات” ووسائل التدفئة المختلفة.
ما يزيد من قلق نهاد وخوفها هو تعلق ابنها الكبير في “الصوبة”، خصوصاً أنه يدرس الآن لساعات طويلة من الليل بسبب التوجيهي، ما يجعله أحياناً يستغرق في النوم بدون أن يشعر تاركاً موقدة الغاز مشتعلة في غرفته، ذلك الأمر يجعل نهاد لا تستطيع أن تنام براحة طوال الليل أو حتى أن تخرج من البيت لفترة طويلة بسبب سلوك ابنها غير الآمن على الإطلاق.
تقول “لا توجد هناك طريقة أخرى للتدفئة في هذه الأجواء الباردة جداً، الا أنه في الوقت نفسه تجعلني خطورة استعمال هذه المواقد أعاني من توتر دائم مع وجود أبناء لا يعون حتى الآن خطورتها”، لافتة إلى قصص الاختناق التي نسمعها يومياً بسبب صوبات الغاز والكاز التي يعتمد عليها الكثيرون.
ومع قدوم المنخفض الجوي وتأثر المملكة بانخفاض عميق على درجات الحرارة يصل الى ما دون الصفر المئوي في مناطق عدة، تستعد العائلات من كل صوب وحدب لتأمين نفسها بوسائل التدفئة كافة التي يمكن استخدامها بهذه الأجواء شديدة البرودة.
ذلك جعل الكثير من العائلات تتخذ التدابير كافة من تجهيز مواقد الغاز والكاز وتجهيز غرفة واحدة لتجتمع كل العائلة بها مغلقين جميع الأبواب والشبابيك بها، ما يزيد من خطورة أن ينتج عن ذلك حالات الاختناق اذا لم يتم عمل تهوية مناسبة والتأكد من سلامة المواقد.
ولعل عائشة مصطفى هي واحدة أخرى تعاني مع ابنتها التي لا تبتعد عن الموقدة على الإطلاق وتبقيها ملازمة لها طوال الوقت، فهي لا تستوعب على الإطلاق خطورتها.
تقول “أولادي يشتكون من البرد طوال الوقت ولا أستطيع أن أشغل تدفئة السولار بشكل دائم بسبب التكاليف، ما يجعلنا نعتمد على صوبات الغاز والكاز والتي تسبب لنا الصداع طوال الوقت ومخاطرها كثيرة”.
وتضيف “أتمنى أن ينتهي فصل الشتاء بدون حوادث ونحن بخير وسلامة”.
وكان شتاء العام 2013 قاسيا على الأردنيين إثر وفاة 17 شخصا اختناقا نتيجة الاستخدام الخاطئ لمدافئ الغاز والكاز والحطب، منهم خمسة منهم قضوا في العاصفة الثلجية الأخيرة “إليكسا”.
ويرى اختصاصي الطب العام د. مخلص مزاهرة، أنه في البداية اذا كان أسلوب التدفئة بالغاز فيجب أن لا توضع صوبة الغاز بغرفة مغلقة أو حتى غرفة صغيرة حتى لو كان لها باب، فلا بد أن يتم وضعها بغرفة مفتوحة ولها أكثر من باب وتهوية.
ويجب بعد ساعة أو ساعتين على الأقل أن يتم فتح شباك الغرفة لتجديد الهواء ودخول الأكسجين.
كما أن استخدام التدفئة العادية عن طريق السولار يسبب جفافا داخل البيت، لذلك يفضل أن يتم تبليل قطعة من القماش ووضعها على الروديتر حتى يتم ترطيب الجو، ولكي لا يتسبب بجفاف الحلق والعيون، بالاضافة الى ملازمة تهوية البيت كل مدة معينة.
ويضيف أن التعرض لموقدة الغاز فترة طويلة يسبب صداعا وسيلانا في الأنف وإدماع في العيون وضيقا في التنفس وعطاسا، وذلك بسبب تجمع غاز الاحتراق في الغرفة، بالاضافة الى أن الاقتراب الشديد والمباشر منها قد يسبب حروقا.
ويؤكد مزاهرة أهمية وضرورة إطفاء كل أنواع التدفئة قبل النوم وتأمينها جيدا والتأكد من اغلاقها.
وأصدرت المديرية العامة للدفاع المدني يوم السبت بيانا، أكدت خلاله أهمية اتباع إرشادات السلامة العامة خلال العاصفة هدى التي دخلت المملكة مساء أمس الثلاثاء، والتي كان من بينها تأكيد ضرورة الاستخدام الآمن لوسائل التدفئة كافة وبخاصة التي تعمل على الوقود ومواقد الفحم والجفت وتوفير التهوية اللازمة لتلافي خطر الاختناق.
وتنصح مديرية الدفاع المدني عادة أصحاب المنازل بالتأكد من سلامة تركيب الأسطوانة وصلاحية الخراطيم، وعدم وجود تسرب فيها بواسطة الماء والصابون، وضرورة إبعاد المدافئ عن أي مواد قابلة للاشتعال، وعدم وضع المدافئ المتنقلة في الممرات الضيقة، وعدم استخدامها في الغرف والأماكن الضيقة التي لا توجد فيها تهوية، إضافة إلى تجنب تركها مشتعلة خلال النوم وعدم تزويد المدفأة بالوقود وهي مشتعلة.
وتؤكد أهمية القيام بإجراء الصيانة الدورية للمدافئ بأنواعها والبويلرات وتفقدها، وعدم استخدام مواقد الفحم كوسائل تدفئة داخل البيوت، وعدم استخدام المدافئ لتسخين الماء أو الطهي بخاصة عند وجود الأطفال وكبار السن.
وحول مستخدمي المدافئ وتحديدا الكاز، يجب عدم وضعها داخل الحمام أثناء الاستحمام، ما يؤدي إلى زيادة نسبة الغازات السامة والخانقة الناتجة عن عملية الاحتراق، كما يجب مراقبة الأطفال وإبعادهم عن المدافئ تجنبا لوقوعها أثناء لعبهم، ما يؤدي إلى حدوث حريق.
ودعت من يستخدمون الحطب في التدفئة، إلى اتباع تعليمات السلامة، بحيث يتم استخدام الحطب خارج المكان الذي توجد فيه الأسرة حتى يشتعل بالكامل وينقطع الدخان المتصاعد منه، وتوفير التهوية المناسبة، كذلك عدم تركه داخل الغرفة عند الانتهاء منه وضرورة إطفائه خارج المنزل.
وبالنسبة للمدافئ التي تعمل بالغاز المسال، دعت إلى التعامل معها بحذر وقدر عال من المسؤولية، سواء من حيث تفقد الخرطوم الواصل بين الأسطوانة وجسم المدفأة، واستبدال مانعة التسرب “الجلدة” مع كل أسطوانة، بالإضافة لضرورة التأكد من صلاحية الصمام لأن ذلك يقلل من خطورتها، كذلك الحذر في أثناء التعامل مع المدافئ التي تعمل على الكهرباء؛ إذ يجب أن لا نحمل الأباريز أكثر من طاقتها، وإغلاقها وإبعادها عن الأطفال.
وطالبت مستخدمي مدافئ الجفت باستمرار تهوية الأمكنة التي تشعل فيها بشكل جيد، وتجنب حرق هذه المادة داخل المنزل، بل خارجه للتخلص من الدخان الكثيف الناتج عن بدايات الاحتراق ثم نقلها الى الداخل بواسطة المناقل.
وفيما يتعلق باستخدام الجفت في صوبات البواري، أكدت المديرية ضرورة تنظيف المدافئ باستمرار، كون نواتج احتراقه تخلف شوائب مشبعة بالدهون تعمل على إغلاق وتلف منافذ التهوية لهذه الصوبات.
ليست هناك تعليقات :
إرسال تعليق