هناك في القدس، عام 1964 تحديدا، تمخضت فكرة إنشاء شركة خاصة لنقل الركاب، إلا أن القائمين عليها في ذلك الوقت لم يكونوا يعرفون أنهم خطوا السطر الأول في قصة نجاح تبلغ من العمر 50 عاما، بعد أن أصبحت شركة “جت” الأولى في النقل السياحي بلا منازع.
وعلى اثر الحروب التي مرت على فلسطين وبعد حرب عام 1967 تحديدا، نقلت الشركة مركزها إلى عمان عام 1973 في منطقة العبدلي، وباشرت عملها بأربع حافلات فقط.
منحت الحكومة الأردنية في ذلك العام شركة “جت” امتيازا لغايات نقل السياح في الأردن، لتصبح بذلك الشركة الوحيدة في مجال النقل السياحي، وقامت الحكومة بتوقيع تعاقدات مع حكومات البلدان المجاورة لربطها بالأردن عن طريق خطوط شركة “جت” مقابل مليون دينار سنويا تدفع للحكومة مقابل الامتياز، وبقي الحال على ما هو عليه حتى إنشاء هيئة تنظيم النقل البري عام 1994 لينتهي بذلك امتياز الشركة وسمح لشركات أخرى بامتلاك حافلات سياحية.
والآن تصنف “جت” على رأس الشركات في مجالها، وتضم 3 شركات بميزانية منفصلة لكل منها، وهي شركة النقليات السياحية وشركة نقل الركاب، وشركة “راية جت” -نقل الركاب (VIP)- ، وتعتبر “جت” أيضا أول شركة تدخل حافلات (VIP) على منطقة الشرق الأوسط، حيث تتسع هذه الحافلات لـ28 راكبا فقط وتحتوي على خدمة الانترنت والستلايت وتوفر مقاعد مريحة ووجبات غذائية.
كما تسير الشركة حاليا عددا كبيرا من الرحلات اليومية، تتوزع على النحو التالي 50 رحلة إلى اربد، و40 رحلة إلى العقبة، و4 رحلات إلى القاهرة، و10 رحلات إلى السعودية، اضافة إلى خط جسر الملك حسين، وخطوط النقل إلى بغداد التي تنفرد بها شركة “جت”.
ومع كل هذه الإنجازات وغيرها، كان لنا حوار مع مدير عام شركة جت السيد مالك حداد، كشف خلالها لـ”الإصلاح” العديد من الأسرار وخطط الشركة المستقبلية…
وتاليا النص الكامل للحوار:
مدير عام شركة "جت" السيد مالك حداد
حداد: نتيجة الظروف التي مرت بها المنطقة تأثرت المملكة بالوضع السياحي كثيرا، وبعد اذار من العام الماضي اصبح هناك انحسار واضح باستقطاب السياح للاردن بنسبة حوالي 70% اما في العام 2012 ونتيجة الجهود التي بذلت بهذا الصدد تم تعويض جزء من غياب السياح الاجانب بالسياحة العربية فارتفع المؤشر بنسبة 30% مقارنة مع نفس الفترة من العام الماضي وتم استقطاب سياحا عربا بشكل جيد، اما السياحة الأجنبية لا تزال في تذبذب حيث ان الوضع السياسي في المنطقة لا يبشر بالخير.
في الواقع هناك حملات ترويجية من هيئة تنشيط السياحة بمساعدة كل الفعاليات السياحة من مكاتب سياحة وسفر والسفارات في الخارج ووزارة السياحة بتعزيز التسويق وتخفيض الاسعار فالدور الكبير يقع على عاتق كل من الحكومة والقطاع الخاص في تبني عملية الترويج ونأمل من الحكومة أن تتعاون مع القطاع الخاص في موضوع تخفيض أسعار الدخوليات للسياح وأسعار تذاكر الطائرات المتعلقة بالسياحة بحيث تكون مناسبة لاستقطاب السياح وكذلك سعر النقل السياحي والفنادق والخدمات المقدمة للقطاع.
الملك الراحل الحسين بن طلال يستقل حافلة شركة "جت"
حداد: الموضوع لا يتعلق بأسعار السياحة بقدر المعيقات الضريبية على القطاع ورفع أسعار دخولية المواقع السياحية الاردنية فالاسعار تعتمد على النفط والطيران وفي الوقت الراهن هناك ارتفاع واضح، وهذا مؤشر سلبي، ولكن بالمقابل أسعار النقل السياحي انخفضت نوعا ما رغم وجود معيقات ضريبية على هذا القطاع تمت مؤخرا من ناحية صدور قرار من مجلس الوزراء بإعفاء النقل السياحي من ضريبة المبيعات بنسبة 16% ولكن هذا الاعفاء انعكس على شركات النقل السياحي من ناحية زيادة كلف مدخلات الانتاج فعندما كان هناك ضريبة الـ16% مفروضة على القطاع كان هناك تخصيم مبلغ ضريبة المبيعات على مدخلات الانتاج ما يشكل اعباء كبيرة على شركات النقل السياحي . في الواقع هذا الامر مهم جدا لهذه الشركات واستمرار الوضع القائم يهدد بانهيار بعض الشركات واغلاقها وتسريح عمالتها.
نامل من الحكومة بان تتخذ قرارا باعفاء ضريبي بنسبة الصفر وليس اعفاء كاملا حتى يتم خصم مدخلات الانتاج من خلال هذه العملية وفي حال اصرار الحكومة على الاعفاء الكامل سيتم تسريح مئات الموظفين خصوصا وان هناك 8 شركات للنقل السياحي في الاردن رأسمالها 70 مليون دينار لكن موجوداتها تتجاوز 200 مليون دينار لديها الاف الموظفين تعمل بحافلات مواصفاتها عالمية.
لذلك فان اجراءات ضريبة الدخل والمبيعات ستؤدي الى تدهور النقل السياحي، فبعد صدور قرار مجلس الوزراء في اعفاء النقل السياحي من ضريبة المبيعات برز عائق كبير امام الشركات نتيجة لعدم قدرتها على دفع ما يترتب عليها من مدخلات انتاج كانت تخصم عليها خلال فرض الضريبة عليها.
والحل هو باخضاع شركات النقل السياحي الى ضريبة مقدارها صفر حتى نتمكن من معادلة تخصيم مدخلات الانتاج وبخلاف ذلك ستعاني الشركات من الافلاس.
حداد: يشكل “النقل الافرادي” المشكلة الأكبر لقطاع النقل في الأردن، حيث أن ما نسبته 89% من القطاع يمكله أفراد وليس شركات منتظمة، ولا بد للحكومة أن تنظر بعين الجد إلى عملية شراء كل خطوط النقل في المملكة وإعادة بيعها ضمن شركات بما يضمن تنظيم قطاع النقل ويحسن من نوعيته.
حداد: النقل السياحي تأثر بشكل كبير في ظل الأحداث السياسية التي تشهدها المنطقة، لكن نقل الركاب في شركة “جت” يزداد باستمرار، لثقة الزبائن بخدمات شركة جت ودقة مواعيدها ومعايير السلامة العالية التي تتبعها الشركة.
وتعتبر شركة جت الشركة الوحيدة التي حققت ارباحا في فترة الربيع العربي وتم توزيع 10% من هذه الأرباح على المساهمين، وفي عام 2012 تم زيادة الأرباح، حتى هذه اللحظة، حوالي 14% مقارنة مع العام الماضي.
وفي عام 2011 نقلت “جت” 2 مليون و600 ألف راكب، ونتوقع في العام الحالي نقل 2 مليون و700 ألف راكب، ونأمل في العام القادم نقل 3 مليون راكب خاصة بعد استحواذنا على خطوط شركة “الثقة”، بصفقة قوامها 8ر2 مليون دينار امتلكت بموجبها 28 خطا جديدا علاوة على موجودات اخرى.
حداد: تشترك “جت” بمنظمة (IRU) العالمية في السلامة المرورية، حيث لا يسمح للسائق بالعمل يوميا أكثر من 8 ساعات، كما تتواجد في منطقة “الكراج” لجنة طبية مكونة من طبيب وممرض، تقوم بإجراء فحوصات للسائق قبل الإنطلاق، ولا يسمح بأن يزيد عمر السائق عن 55 عاما للمسافات الطويلة، كما يتم تزويد هيئة النقل البري بشكل دوري بفحوصات السائقين.
إلى ذلك كله لا تكتفي الشركة بفحص إدارة السير للسائقين، بل تقوم بإشراف كادر متخصص بفحص السائق قبل تعيينه، ويشتمل الفحص على معايير صارمة ودقيقة، لا تسمح بتعيين إلا صاحب الكفاءة، ناهيك عن التغيير الدوري لعجلات الحافلات عند انتهاء عمرها، حيث أن سلامة الزبائن وأرواحهم يعتبر هم الشركة الأول والأسمى.
حــداد: نعم .. فقد تم اختيار تلك المنطقة بحكم أن الشركة تنقل حوالي 600 ألف مسافر سنوياً مابين عمان والعقبة، حيث تشتمل المرحلة الأولى من المشروع الذي تبلغ تكلفته التقديرية حوالي 3،5 مليون دينار على مساحة تبلغ حوالي 82 دونما لبناء مجمع تجاري كبير يحتوي على 28 مركز للتسوق، كما تشتمل المرحلة الأولى بناء استراحة ( VIP )، ومحطة محروقات، ومركز صحي صغير، بالإضافة لمصلى، ومواقف للسيارات .
أما المرحلة الثانية فسيبدأ العمل بها بعد انتهاء المرحلة الأولى مباشرة وتشمل هذه المرحلة تشجير حوالي 7 دونمات بأشجار النخيل بهدف إضفاء نوع من الجمالية للمنطقة. وأما المرحلة الثالثة فتشمل انشاء خمسين وحدة للسياح، “أكواخ” مصنوعة من شجر القنب، تحتوي على مركز لألعاب البولينغ، ونادي للرماية، علماً بأن هناك العديد من الأطراف المهتمة التي أبدت رغبتها بالاستثمار في هذا المشروع، كما أن هناك مفاوضات مع الحكومة لإدخال المشروع ضمن منظومة مشاريع تنمية المحافظات والواقع ضمن صندوق تنمية المحافظات التي آمر بها جلالة الملك عبدالله الثاني أبن الحسين المعظم ، علماً بان هذا المشروع سيوفر حوالي 150 فرصة عمل لأهالي المنطقة.
حداد: يعمل في شركة “جت” حوالي 550 موظفا جميعم من الأردنيين، سواء كانوا عمال ميكانيك ومضيفين وموظفين حجز التذاكر، وكلهم تحت مظلة الضمان الاجتماعي والتأمين الصحي، كما أن شركتنا تعتبر الوحيدة في الأردن -في مجال النقل- التي تمنح موظفيها راتب الرابع عشر.
وفيما يخص تحسين نوعية الأداء، تعاقدت شركة “جت” مع شركات مختصة للوقوف على رضا العملاء عن الشركة بشكل دوري، عن طريق توزيع استبيانات تتضمن أسئلة متعلقة بأداء الشركة على كافة الأطر والأصعدة.
وإضافة إلى شهادة الآيزو التي حصلت عليها الشركة منذ زمن طويل، تسعى “جت” الآن للفوز بجائزة الملك عبد الله الثاني للتميز والتي يُخضع المتقدم لها لمعايير دقيقة أهمها شهادة (CPC) المطلوب من مدير شركة النقل الحصول عليها، وأعتبر أنا أول أردني يحصل على هذه الشهادة.
حداد: تأمل شركة “جت” من خلال استراتيجيتها المقبلة تشجيع المواطن نحو الاستفادة من النقل المنتظم بين المدن وركن سيارته الشخصية لما له تأثير اقتصادي واجتماعي، بحيث ندخل محافظة جديدة في كل عام، وسنبدأ بمحافظة الزرقاء العام القادم، وعلى مدار الخمسة أعوام المقبلة سندخل محافظات جديدة.
ويأتي كل ذلك في سياق التخفيف من الحوادث المرورية، وتخفيض كلفة فاتورة الوقود على الأردن، والتخفيف من الأزمات المرورية الخانقة وخاصة في العاصمة عمان.
كما تنوي “جت” ربط كل خطوط المملكة بعمان بحيث تكون هي نقطة الإنطلاق لكل المحافظات.
ليست هناك تعليقات :
إرسال تعليق